كانت تركيا عاصمة للخلافة والسلطنة أربعة قرون ونيف، ومن قبل ذلك ظلت قرنين ونيف شوكة في حلق الكفار.
وفتح السلطان محمد عاصمة الدنيا آنذاك القسطنطينية، وحمى الله بالعثمانيين الإسلام والمسلمين قرونًا طويلة.
ونفع بهم كثيرًا، وأدخل في الإسلام على أيديهم ملايين من الضالين، ووصل الأذان والتكبير إلى قلب أوربا "البلقان"، ولهذه الدولة مآثر لا تحصى، وأعمال لا تحصر ولا تستقصى، لكن سنة الله تعالى لا تتخلف.
فقد ضعف السلاطين وأخلدوا إلى الأرض، ونسوا أن الجهاد عليهم فَرْض، ورضوا بالتمدد اليهودي والماسوني والقومي الطوراني في أراضيهم تهاونًا ثم ضعفًا، وحاول السلطان عبد الحميد إنقاذ الدولة لكن الرياح لم تكن مواتية، والعقبات كانت كبيرة وصعبة.
ثم عزل السلطان وتولى بعده من لا حول له ولا طول، وتربعت جمعية الاتحاد والترقي الماسونية على عرش البلاد، ومن ثم جاء الذئب الأغبر، والضال الأكبر مصطفى كمال الذي ألغى السلطنة سنة 1922م ثم الخلافة سنة 1924م.,
وأعلن البلاد جمهورية إلحادية ضالة، وأمر بإلغاء الأذان بالعربية وإجبار النساء على السفور والرجال على لبس القبعات، وألغى الحرف العربي الذي كانت تكتب به اللغة التركية، وألغى كثيرًا من الكلمات العربية من اللغة التركية، ومنع الحج وغرب الشعب التركي تمامًا، وفي هذه المدة الكالحة عاش شيخ الإسلام مصطفى صبري أفندي رحمه الله تعالى.
ولد في توقاد من الأناضول سنة 1286هـ/ 1869م، ونشأ طالبًا في كنف المذهب الحنفي الغالب في تركيا، وصار مدرسًا في جامع السلطان محمد الفاتح وهو في الثانية والعشرين من عمره وكان أصغر المختارين لتولي هذا المنصب.
وهو دال على نبوغ مبكر لا شك، وأجاز خمسين طالبًا وهو رقم ضخم، واختاره السلطان عبد الحميد -رحمه الله تعالى- ليكون أمينًا لمكتبة قصره قصر يلدز، وهذا أتاح له أن يطلع على الكتب الثمينة التي كان قانون حفظ التراث يمانع إخراجها خارج القصر.
ثم اختير نائبًا عن بلدته توقاد في مجلس المبعوثان العثماني، ومجلس المبعوثان هو مثل مجلس الشعب الذي يمثل فيه نواب مختارون من كل البلاد التي كانت حكم الدولة العثمانية، وكان آنذاك قد رأس تحرير مجلة "بيان الحق" وهي مجلة تصدرها الجمعية العلمية التي كان يرأسها.
وعين عضوًا في "دار الحكمة" وهي تضم صفوة علماء الدولة العثمانية آنذاك، وعينه السلطان في مجلس الأعيان العثماني، وعين مدرسًا للحديث الشريف في دار الحديث، وعين عضوًا في هيئة تدقيق المؤلفات الشرعية التابعة لدائرة المشيخة الإسلامية سنة 1323هـ، إلى غير ذلك من الوظائف.
لكن الذي لفت النظر إليه هو مقدرته الخطابية التي وظفها في بيان عورات القوميين الطورانيين ونزعاتهم الإلحادية، وعورات الاتحاديين عمومًا -نسبة إلى جمعية الاتحاد والترقي الماسونية التي أمسكت بزمام البلاد عمليًّا بعد خلع السلطان عبد الحميد، رحمه الله تعالى- والكلام في هذه الجمعية والاتحاديين يطول.
لكن خلاصة أمرهم أنهم أغرقوا البلاد في قومية طورانية تركية مفرطة، وعدُّوا المسلمين من غير الأتراك كالعرب والأكراد والألبان في مرتبة تلي مرتبة الأتراك.
وأذكوا نار العصبية الهائجة التي عجلت بإسقاط الدولة العثمانية، وإذهاب ريحها، وتفريق قوتها، وخُدِع المسلمون بنيازي وأنور وشوكت ومدحت وغيرهم من زعماء الاتحاديين، ومدحهم مثل الشاعر حافظ إبراهيم وأثنى عليهم طائفة، ثم تبين للناس سوء صنيعهم لكن بعد فوات الأوان. وكان الشيخ قد أسس حزبًا اسمه الائتلاف والحرية.,
أسسه مع بعض إخوانه، وكان نائبًا لرئيس الحزب والناطق الرسمي باسمه ورئيس المعارضة البرلمانية، ولمقدرته الخطابية الفائقة صار أبرز الدعاة للحزب المروجين للسياسات المناهضة للاتحاديين والفاضحة لهم ولصلاتهم المشبوهة باليهود.
وقد استفاد الشيخ مصطفى صبري من موقعه في المبعوثان (البرلمان) ليكشف عورات هؤلاء الاتحاديين القوميين، فدبروا لاغتياله، فهرب إلى مصر سنة 1913م ثم إلى أوربا؛ ليواصل التحذير من هؤلاء وكشف عُوَارهم، وكانت إقامته ببوخارست برومانيا.
ثم قبضت عليه الجيوش التركية أثناء غزوهم رومانيا في الحرب العالمية الأولى وأرسلوه إلى إستانبول، وظل معتقلًا إلى أن انتهت الحرب بهزيمة الاتحاديين الأتراك وفرار هؤلاء الاتحاديين، وعينه السلطان وحيد الدين شيخًا للإسلام في الدولة العثمانية، وعضوًا في مجلس الشيوخ.
وناب عن الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) أثناء سفره لباريس للمفاوضات ستة أشهر، وهذا كله يدل على المكانة العلية التي كانت له آنذاك، ومنصب شيخ الإسلام يلي في الأهمية منصب الصدر الأعظم حسب لوائح الدولة العثمانية آنذاك.
ثم جاء الكماليون بعد الاتحاديين، وعاث مصطفى كمال في الأرض فسادًا، فاضطر مصطفى صبري أن يترك تركيا بعد إلغاء قرار السلطنة سنة 1341هـ/ 1922م وذهب إلى اليونان، وهناك حشد الأتراك حوله.
وأصدر صحيفة تركية كشف فيها عن الوجه القبيح لمصطفى كمال وسياساته، فطلبت الحكومة التركية من اليونان إبعاده، فاضطر للسفر إلى مصر والاستقرار فيها، وكان ذلك في السنة نفسها 1341هـ/ 1922م، واستضافه الشريف حسين مدة في مكة ثم عاد إلى مصر وبقي فيها إلى أن مات -رحمه الله تعالى- سنة 1373هـ/ 1954م.
وكان له في القاهرة جهود ضخمة تمثلت في التالي:
أولًا: فضح مخططات الكماليين (نسبة إلى مصطفى كمال) ضد الإسلام والمسلمين في تركيا:
وكان في ذلك مخالفًا لكثير من مثقفي المصريين الذين وقفوا مع مصطفى كمال، ورأوا فيه منقذًا لتركيا؛ لذلك توالت هجمات الصحف على شيخ الإسلام تتهمه بالرجعية والحنين إلى منصبه الذي فقده في تركيا، ومنعت كثيرًا من مقالاته، وهنا وضع كتابًا سماه (النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة) طبعه في لبنان التي خرج إليها بعد معارضة كثير من المصريين له.
فضح في هذا الكتاب الكماليين وأعمالهم المعادية للإسلام والمسلمين في تركيا، وذكّر بأفعال الاتحاديين وأن أفعالهم وأفعال الكماليين تنطلق من مشكاة واحدة، وذكر أيضًا علاقة الاثنين باليهود، وقد كان وزير مالية الكماليين يهوديًّا.
ووزيرة المعارف خالدة ضياء من أصل يهودي أيضًا، ولما ألغى مصطفى كمال الخلافة بعد قرابة عام من وجود شيخ الإسلام في مصر تبين للمخدوعين من المصريين صدق ما أخبرهم به شيخ الإسلام، ثم سافر من لبنان إلى رومانيا ثم اليونان التي أصدر فيها جريدة باسم "الغد"، ثم أخرجه اليونانيون بناء على طلب الأتراك فلجأ إلى مصر ثانية سنة 1929م، واستقر فيها إلى أن مات سنة 1373هـ/ 1954م.
ثانيًا: كشف عوار الكتابات الخبيثة التي انتشرت في مصر آنذاك:
وكان على رأسها:
"الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبد الرازق، وقد ثبت فيما بعد أن طه حسين شاركه في تأليف الكتاب، وفيه ذكرا أن الإسلام دين لا دولة، فتصدى شيخ الإسلام لهذا الكتاب وبيَّن عواره.
ثم واجه شيخ الإسلام منكري المعجزات والكرامات أو مؤوِّليها إلى حد إخراجها من أن تكون خوارق للعادات، وكان منهم في مصر نفر من ذوي المكانة والوجاهة، وإنما فعلوا ذلك مسايرة للعقل -فيما زعموا- ولتبدو متفقة مع طبائع الأشياء.
فردَّ على الأستاذ محمد عبده ومحمد فريد وجدي ومحمد حسين هيكل وجماعة غيرهم. والحق أن رده كان شديدًا صعبًا لكنه متفق مع طبيعته الحادة وشخصية القوية، ثم إن الملأ في مصر آنذاك كان قد انجرف فريق منهم مع هذه الدعاوى، فكان لا بد من ظهور صوت قوي لينذر ويحذر ويعيد الحق إلى نصابه.
ولعل كتابه (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين) هو أهم مؤلف له في هذا الباب الكاشف لهذه الأخطاء، وهو ضخم جاء في أربعة أجزاء، وفي بعضه نزعة فلسفية.
ثم أصدر كتاب (قولي في المرأة) في سنة 1354هـ/ 1934م، رد فيه على اقتراح قدم إلى مجلس النواب المصري طلب فيه مقدموه تعديل قانون الأحوال الشخصية، والأخذ بمبدأ تقييد تعدد الزوجات وتقييد الطلاق والتساوي في الميراث، إلى آخر المنظومة المكرورة المكروهة.
وله كتاب رد فيه على مسألة ترجمة معاني القرآن الكريم التي أثارها الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر، وكان الشيخ مصطفى صبري معارضًا لها كل المعارضة، وقد استقر المسلمون اليوم على جواز ترجمة المعاني بلا نكير.
لكن لعل رده على الشيخ المراغي كان بسبب -إضافة إلى ما سبق- أن المراغي أجاز الصلاة بالقرآن المترجم إلى التركية وغيرها، وهذا هو الذي أثار الشيخ مصطفى صبري؛ لأن هذا كان صنيع الكماليين في تركيا، وكأن المراغي بهذا يبرر صنيعهم ويجوز فعلتهم، وله عدة كتب غير هذه، وله مئات المقالات بالعربية والتركية.
وقد كانت الحكومة التركية قد وضعت اسمه في قائمة الممنوعين من الرجوع إلى تركيا، وجردته من الجنسية التركية، فعاش في مصر في شدة وشظف عيش، وقاسى كثيرًا ماديًّا ومعنويًّا حتى إنه اضطر لبيع كتبه ليسافر من إستانبول إلى مصر بالباخرة مع أسرته في الدرجة الثالثة.
لكنه ثبت فلم يضعف ولم يهن ولم يتراجع عما رآه حقًّا، وأزعم أن مصر آنذاك كانت بحاجة إلى عالم رباني قوي مثله في مدة تنازعتها الأهواء من كل جانب، وقلَّ فيها العلماء الربانيون الذين يقومون بما أخذه الله عليهم من القيام به.
معالم في شخصية شيخ الإسلام:
في شخصية شيخ الإسلام مصطفى صبري معالم مهمة تعد بمنزلة أركان البناء، وصبغت بها كتاباته صبغة ظاهرة، فمن هذه المعالم:
أولًا: الاستقلال الفكري:
فلم يكن يتبع جهة ما كائنة ما كانت، ولا يقيم لشخصية ولا لهيئة وزنًا إلا بقدر اتباعها للحق وخضوعها له، وهذا في زمانه أمر صعب لا يقوى عليه إلا القليل، والشيخ رشيد رضا يشبهه في هذا الباب -بعد وفاة شيخه محمد عبده- إلا أنه لم يصل إلى مرتبته في هذا الأمر خاصة.
ولهذا نقد الشيخ مصطفى كثيرًا من الشخصيات القديمة والحديثة، إسلامية وغير إسلامية، ولما قيل له: كيف تنقد هؤلاء الأعلام؟ قال: إن كتابي كتاب مبادئ لا كتاب تراجم.
ثانيًا: صلابته في الحق وفي الدعوة إليه:
فقد كان ينبري للدفاع عما يراه حقًّا بأسلوب قوي وعبارات شديدة أحيانًا، وربما وصلت إلى حد الاتهام لبعض الأعلام، وهذا أثار عليه نقمة أشخاص كثيرين ووجه بمضايقات كثيرة لكن هذا كان طبع الرجل لا يستطيع الانفكاك عنه، وأزعم أنه - فيما قرأته له- قد أصاب في كثير من نقده.
وجانبه التوفيق في القليل؛ وذلك لأن زمانه كان حافلًا بالمتفلتين والعقلانيين والمسايرين لركاب الغرب وأفكاره وتصوراته، وكان منهم أعلام وشخصيات كبيرة مصرية خاصة، وكان من ينقد هؤلاء مثل الكبريت الأحمر في قلته، فقام الرجل بما رآه حقًّا وواجبًا لا يلوي على شي، ولا يداري أحدًا.
وقد كان هؤلاء النفر -غفر الله لهم- قد تكلموا بكلمات فيها تجاوز وفيها خطورة، فكان لا بد أن يُردَّ عليهم ردًّا قويًّا مفحمًا، وكان بعض هؤلاء قد التبست بعض أحوالهم إلى الحد الذي ينبغي أن يتكلم في شأنهم متكلم ما، فكان هذا المتكلم الجريء هو شيخ الإسلام مصطفى صبري.
ومن أجل ألا أغرق في التعمية أحيل القارئ إلى المجلدين: الأول والرابع من كتاب (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين)، ففيهما تفصيل وتصريح وتوضيح، ولولا أن حال بعض هؤلاء الذين رد عليهم الشيخ ما زال ملتبسًا عليَّ وليس عندي كلمة فصل فيهم، لذكرت أسماءهم اللامعة وبعض أحوالهم الشاطحة.
ولا ننسى أيضًا أن مصر في أوائل القرن الماضي حتى الثلث الأول منه بل إلى قريب من منتصفه، كانت معتركًا كبيرًا بين المتغربين والمستشرقين والمشبوهين وبين المخلصين، وكان في بعض هؤلاء المخلصين -على قلتهم- قدر غير قليل من الضبابية في فهم هذا الدين، وتفنيد بعض الشبهات حوله.
وكان في بعض أحوالهم ما يدعو إلى العجب والتساؤل؛ ولذلك كان ما كان من موقف شيخ الإسلام، وأزعم أن الله أنجد مصر بعد ذلك برجال مفكرين عظماء صححوا مسيرة الفكر الإسلامي عمومًا، بعيدًا عن التهاون والشطح والتنازل.
وطووا بذلك صفحة أولئك الذين كان لهم جهد مشكور في الدفاع عن الإسلام، لكن امتزجت جهودهم تلك بشوائب من الأحوال والأقوال كان لا بد من تنقيتها وتهذيبها، فأتى الله بكوكبة من المشايخ من مصر نفسها عدلت المسار، وضبطت الأفكار.
وكتبت كتابات رائعة أزعم أن شيخ الإسلام لو اطلع عليها لقرّت بها عينه، والمقام لا يتسع للتفصيل، وفيما ذكرت كفاية، ولعلِّي أعود إلى ذلك في مقام آخر متوسعًا مفصلًا إن شاء الله تعالى.
ثالثًا: تضلعه من علم الكلام:
وهذا ظهر بوضوح في مؤلفه (موقف العقل والعلم العالم من رب العالمين)، وقد كان في زمن انتشر فيه الإلحاد، وعمّ وطمّ، وكان الرجل متحمسًا لإثبات وجود الله تعالى بأدلة عقلية كلامية، وبنـزعة فلسفية أحيانًا.
رابعًا: شجاعته الكبيرة التي واجه بها الاتحاديين ثم الكماليين ثم المتغربين:
في مصر -خاصة- وفي غيرها، ولم يأبه بما قد يتعرض له من أذى أو اغتيال، ونبرته الشجاعة واضحة كل الوضوح في كتاباته.
خامسًا: حماسته الواضحة وهمته العالية:
وقد ثبت على هذه الحماسة والهمة دهرًا طويلًا حتى توفاه الله تعالى، فلم ينتكس أو يضعف أو يلن رحمه الله.
سادسًا: وعيه الكبير بمخططات الأعداء وشبهات المستشرقين والمستغربين:
وهذا الوعي في زمانه يعد متقدمًا جدًّا بالنسبة إلى أكثر علماء عصره آنذاك، وقد ظهر هذا الوعي جليًّا واضحًا في كل كتاباته، وأذكر منها قوله في دعوة العلماء للاشتغال بالسياسة: "فالعلماء المعتزلون عن السياسة كأنهم تواطئوا على أن يكون الأمر بأيديهم -أيدي السياسيين- ويكون لهم منهم رواتب الإنعام والاحترام".
شيخ الإسلام مصطفى صبري في عيون معاصريه
قال عنه الأستاذ محب الدين الخطيب: "فحل الفحول الصائل الذي يعد فضله أكبر من فضل معاصريه".
وقال عنه الأستاذ الكوثري: "قرة أعين المجاهدين".
وقال عنه الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة: "إن كتابه موقف العقل هو كتاب القرن بلا منازع".
وقد قيل عنه غير ذلك، ويكفي في هذا المقام أن أورد كلام الأستاذ محمد رجب البيومي الذي ناله تقريع كبير من الشيخ لأمر صدر عنه، حيث قال الأستاذ محمد حفظه الله:
"إني ما ذكرت الشيخ الكبير إلا توافد على ذهني مع هذا الوصف العربي القديم لصاحب الصيحة المجلجلة في المأزق الضائق وهو النذير العريان؛ إذ كان من عادة الأسلاف حين تلوح بوادر الخطر ويتنبه لها ذو بصر سديد أن يخلع ثيابه ويقف صائحًا فوق مرتفع من الأرض، ويقول مشيرًا إلى ثوبه المخلوع وقد جعل يحركه عن يمين وشمال: لقد حانت الكارثة، أنا النذير العريان، فيعلم السامعون أن الأمر جد، ويسرعون للتأهب العاجل دون انتظار".
رحم الله شيخ الإسلام مصطفى صبري التوقادي، وعوض المسلمين عنه خيرًا، فنحن بأمس الحاجة لأمثاله في هذا العصر الذي أصبح كثير من المشايخ فيه موظفين لا قيمة لهم ولا وزن، ولا هيبة ولا كلمة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الكاتب: د. محمد موسى الشريف
المصدر: موقع طريق الإسلام